المرأة ورأس المال الرمزي في بيئة العمل

 

المرأة ورأس المال الرمزي في بيئة العمل موضوع يناقش عالميا حيث ​كانت بيئة العمل العالمية مساحة معقدة تتشابك فيها الكفاءة الموضوعية مع الأوزان غير المرئية للقيمة الاجتماعية، في هذا السياق يبرز مفهوم رأس المال الرمزي الذي عرفه عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو كأحد أهم العملات غير النقدية حيث إنه مجموع الإعتراف والشرعية والمكانة والشرف التي يكتسبها الفرد أو المجموعة داخل حقل اجتماعي معين وبالنسبة للمرأة فإن رحلتها في بيئة العمل هي سعي دائم ليس فقط لإثبات الجدارة، ولكن أيضاً لتحويل هذه الجدارة إلى اعتراف حقيقي وشرعية دائمة، مما يجعلها قادرة على بناء رأس المال الرمزي للمرأة في بيئة العمل هو أساس قوتها الخفية.

المرأة ورأس المال الرمزي في بيئة العمل

​يعد رأس المال الرمزي حاسماً في مسيرة المرأة المهنية إنه يحدد من يتم ترقيته، ومن تسمع آراؤه، ومن ينظر إليه على أنه قائد طبيعي، عندما تفتقر المرأة إلى هذا الاعتراف حتى لو كانت تتمتع بكفاءة عالية، فإنها تظل محاصرة في أدوار ثانوية أو السقف الزجاجي كما إن بناء السمعة والثقة، واستثمار شبكات العلاقات المهنية، والقدرة على صياغة السرد الخاص بها، كلها عناصر تُسهم في تعزيز المرأة ورأس المال الرمزي في بيئة العمل لأنه هو مصدر قوتها الخفية كما أن هذا الاعتراف لا يفتح الأبواب فحسب، بل يمنحها أيضاً السلطة غير المباشرة في تشكيل سياسات المؤسسة وثقافتها.

​ فجوة تباين الأجور بين المرأة والرجل 

أهتمت مدونة المرأة بفتح نقطة فجوة الأجور بين الجنسين لأنها من أكثر القضايا إلحاحاً وهي ليست مجرد مسألة اقتصادية، بل هي نتاج مباشر لانعدام التوازن في رأس المال الرمزي ومن أكثر الأسباب التي تجعل المرأة تشعر بالظلم في بيئة العمل ومن أسباب طرح نقاش المرأة ورأس المال الرمزي في بيئة العمل.

​أسباب التفريق بين الرجل والمرأة في الأجور

  • غالبا ما تعتبر الأعمال التي تهيمن عليها النساء مثل الرعاية أو الموارد البشرية أقل قيمة رمزيا، حتى لو كانت حيوية للمؤسسة، مما ينعكس على الأجر.

  • هناك افتراضات متأصلة بأن الرجل هو المعيل الأساسي مما يمنحه رمزيا استحقاقا أعلى للأجر من المرأة حتى لو تساوى الأداء.

  • النساء غالبا ما يعاقبن اجتماعياً عند المطالبة بأجر أعلى و يسمن جريئات أو متطلبات في حين ينظر إلى نفس السلوك عند الرجال على أنه طموح وثقة إن الافتقار إلى أطروحة نقاش المرأة ورأس المال الرمزي في بيئة العمل يضعف موقفها في طاولة المفاوضات.

  • الانقطاعات المتعلقة بالأمومة والمسؤوليات العائلية لا تؤثر فقط على الخبرة، بل تُضعف أيضاً رأس مالها الرمزي وشبكتها المهنية، مما يعوق عودتها إلى نفس مستوى الأجر والمكانة.

​استثمار بناء بيئة عمل آمنة ومحفزة

​إن توفير بيئة عمل آمنة ومناسبة للمرأة ليس مجرد التزام أخلاقي أو قانوني، بل هو شرط أساسي لتمكينها من اكتساب رأس مال رمزي صحي.

  • يشكل التحرش والتمييز هجوماً مباشراً على كرامة المرأة وشرعيتها المهنية، مما يؤدي إلى تآكل رأس مالها الرمزي بشكل سريع كما أن البيئة الآمنة هي التي تكفل الشفافية والمساءلة.

  • السياسات التي تدعم التوازن بين العمل والحياة مثل العمل عن بعد أو ساعات العمل المرنة تبطل الافتراض الرمزي السلبي بأن المرأة غير ملتزمة بسبب مسؤولياتها العائلية، مما يسمح لها بالتركيز على بناء المرأة ورأس المال الرمزي في بيئة العمل.

  • برامج الإرشاد والموجهين تعد استثماراً في رأس مال المرأة الرمزي، حيث تساعدها على فهم القواعد غير المكتوبة للمؤسسة وكيفية التنقل في شبكات السلطة غير الرسمية.



​متلازمة المحتال وثقل التوقعات المزدوجة

​تعاني العديد من النساء في بيئات العمل من متلازمة المحتال (Imposter Syndrome)، وهي مفهوم الشعور الداخلي الدائم بأنهن لا يستحقن نجاحهن ويعد هذا الشعور نتيجة مباشرة لعدم التوافق بين كفاءتهم الفعلية والاعتراف الرمزي الذي يتلقونه كما أن المجتمع والبيئة المهنية تفرض على المرأة التوقعات المزدوجة أن المرأة يجب أن تكون كفؤة، ولكن أيضاً لطيفة وحازمة ولكن غير عدوانية، طموحة، ولكن غير مهددة لمن حولها من الرجال هذا المجهود المضاعف يُصرف طاقة كان يمكن أن تُستثمر في بناء مفهوم المرأة ورأس المال الرمزي في بيئة العمل. 

​كيف تحول المرأة المهتمة بمفهوم المرأة ورأس المال الرمزي في بيئة العمل الإنجاز إلى اعتراف؟

يمكن للمرأة المهتمة بمفهوم المرأة ورأس المال الرمزي في بيئة العمل بتطوير ذاتها وتطوير عملها وجعله إنجاز يرى ومعترف به في بيئة العمل وفي المجتمع من خلال عدة خطوات بسيطة ترفع من قيمة إنجازها وجعلها في المقدمة وتقدر من حيث الاستحقاقية ومن حيث الأجور أيضا. 

القائد المسوق لنفسه

 ​على المرأة أن تتعلم كيف تسوق إنجازاتها بفعالية دون الشعور بالذنب الاجتماعي كما عليها معرفة أن الاعتراف ليس شيئا يمنح دائما بل غالبا ما يتطلب عرض استراتيجي للقيمة المضافة ويجب أن يكون هناك تركيز على تحويل الإنجاز الموضوعي مثل الأرقام والمشاريع المكتملة إلى اعتراف رمزي وهي القيادة والتأثير وذلك في سبيل تقوية مفهوم المرأة ورأس المال الرمزي في بيئة العمل والإعلان عنه بوضوح والمطالبة بالحقوق. 

تفكيك ثقافة العمل غير المرئي

 ​العديد من النساء يقمن بـ أعمال غير مرئية أو ما تسمى بمهام الرعاية داخل المؤسسات مثل تنظيم المناسبات وحل النزاعات ودعم الزملاء التي لا تترجم إلى اعتراف رمزي أو مادي ويجب على المؤسسات أن تصنف وتكافؤ هذه الأدوار رسميًا لضمان بناء المرأة ورأس المال الرمزي في بيئة العمل  بشكل عادل.

التحالفات الذكورية والمناصرة الفعالة 

رأس المال الرمزي يكتسب أحياناً من خلال التناقل وهو مفهوم حديث في بيئة العمل وتحتاج النساء إلى تحالفات فاعلة من الرجال في مواقع السلطة وهم المناصرون أو sponsors الذين لا يكتفون بتقديم الإرشاد فقط بل يستخدمون رأس مالهم الرمزي لترشيح ودعم النساء في الفرص الكبرى، مما يعزز دور المرأة في بيئة العمل ويكون من أساس قوتها الخفية على نطاق أوسع.

المرأة كسلطة معرفية ومنصة للتغيير 

​يجب أن تعلم المرأة سر قوتها في السلطة وفي فرض التغيير لأن عندما تكتسب المرأة مكانة كرمز للمعرفة والخبرة وذلك سواء من خلال النشر أو التخصص النادر فإنها تستثمر في شكل من رأس المال الرمزي يصعب التشكيك فيه ويمنح هذا الاعتراف المعرفي المرأة الشرعية لتكون منصة للتغيير حيث تغيير أي من محاور بيئة العمل التي لا تقدر فيها المرأة من حالة كامنة إلى قوة دافعة.


يدل مفهوم المرأة ورأس المال الرمزي في بيئة العمل إلى أن ​تحقيق المساواة الحقيقية في بيئة العمل يتطلب أكثر من مجرد المساواة في الفرص؛ يتطلب إنصافاً في الاعتراف ويجب على المؤسسات أن تعمل بنشاط على تفكيك الحواجز الرمزية التي تمنع المرأة من بناء رأس المال الرمزي في بيئة العمل لأنه هو أساس قوتها الخفية وعندما تترجم كفاءة المرأة إلى شرعية ومكانة يتحقق النمو للجميع.


المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق